قصبة مرضوضة وفتيلة مدخّنة

ها هي تقف ساكتة ومنحنية الرأس، والخوف والخجل يغلبانها... وهي تحاول أن تغطي نفسها بثوب خفيف لفتّه حول جسدها. لقد جاء بها الفريسيين، وعيونهم تلتهمها وكأنها عيون الذئاب. فهم الرجال الذين أقاموا أنفسهم مدافعين عن الدين ومدققين في الشريعة، ولهم الأمر والنهي في كل أمور الحياة. 

أتوا بتلك المرأة وأوقفوها في الوسط، جاءوا بها الى حيث كان يقف رجل آخر، كان هذا الرجل هادئا، ساكتا، لم يتكلم بشيء، رغم هيجانهم وثورتهم، نعم أتوا بها الى أمام يسوع...

إرتفعت أصوات الفريسيين قائلين: هذه الإمرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل... يا لهول تلك الكلمات. كان هناك رجالٌ يتنصتون ويراقبون. وفجأة فتحوا الأبواب، ليجدوا هذه المرأة مع رجل في ذات الفعل... يا للخجل والعار، فأمسكوها بلا رحمة، وجروها في شوارع المدينة، والناس يشتمونها ويعيرونها، وربما يبصقون عليها، وها هي الآن ترتجف خوفا... مدركة بما ينتظرها... إذ أيادي الجميع مليئة بالحجارة...

لكن أين الرجل الذي أمسك معها، ولماذا لم يقبض عليه؟ هل كانت هذه خطة مدبرة للإيقاع بيسوع؟ لقد بدا بأن هذه المرأة كانت الطعم وليس الهدف نفسه، وها هي الآن تقف بلا أمل ولا رجاء في الحياة.

إرتفعت الأصوات بإلحاح مطالبة بحكم يسوع عليها. ثم جاءت إجابته التي لم يتوقعها أحد: "من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر" حينئذ سكتت الأصوات، وتبكتت الضمائر. فسقطت الحجارة من أياديهم، وخرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الآخرين... أما يسوع فبقي واقفا، وهي لا تزال منحنية الرأس... بقي يسوع لأنه هو وحده بلا خطية... كان بإستطاعته أن يخرجها خارجا فترمى بالحجارة... لكنه لم يفعل ذلك... يقول الكتاب المقدس عن يسوع "قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ" لقد رأى الرب يسوع في تلك المرأة خروفا ضالا يحاول أن يجد طعاما في برية العالم، ويشتاق أن يرتوي، لكن من آبار مشققة ليس فيها ماء... قال لها يسوع يا إمرأة أين هم أولئك المشتكون عليك! أما دانك أحد؟ فقالت لا أحد يا سيد... فقال لها يسوع ولا أنا أدينك. إذهبي ولا تخطئي أيضا...

أخي وأختي... ما هي أعظم خطية إرتكبتها في حياتك؟ ربما لا يعرفها أحد سواك... لكن الله يعرفها... هل تخجلك تلك الخطية؟ أو ربما تظن بأن خطيتك جسيمة وعظيمة جدا، حتى أنه ربما لن يغفر لك... أو أنه سيوجه لك أصبع الدينونة والإتهام ...

لقد دفع الرب يسوع، عندما صلب على الصليب، ثمن خطيتي وخطيتك، وخطية تلك المرأة أيضا... نعم لقد دينت الخطية في يسوع وأطلق الخاطي حرا... فقال لها يسوع إذهبي ولا تخطئي أيضا... مسامحا إياها... إذ دفع القصاص بنفسه...

أخي وأختي ... هل أثقلتك خطاياك، وهل تشعر بحملها الرهيب؟ هل أنت تلك القصبة المرضوضة والفتيلة المدخنة؟ تعال الى يسوع اليوم. تعال ولا تخف. ولا تخجل. سوف يمحي خطاياك ولن يعود يذكرها فيما بعد. تعال اليه بإيمان، لأنه مات لكي يغفر خطاياك، وقام ليعطيك الحياة الأبدية.

Back

رجوع الى الصفحة الرئيسية