85
قيامة يسـوع

متى 28؛ لوقا 24؛ يوحنا 20

أصدقائي المستمعين ..
نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البرِّ الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدِّم لكم حلقة أخرى من برنامجكم .. ‘‘طريق البر’’!

في حلقتنا السابقة، رأينا كيف سفك يسوع المسيَّا دمه على الصليب الذي سُمِّر عليه؛ ليدفع ثمن خطايا العالم، وليفتح أمام الخطاة باباً للسلام الأبدي. وكل شيء حدث تماماً كما تنبأ أنبياء الله منذ زمن بعيد؛ إذ استهزأوا بالمسيَّا، وجلدوه، وسمَّروه على صليب. فكما مات الخروف البريء بدلاً من ابن إبراهيم، هكذا مات يسوع، الفادي الذي بلا خطية، بدلاً منا. وقبل أن يموت يسوع، صرخ قائلاً: ‘‘قد أُكمِل!’’ المجد لله، إذ أكمل الرب يسوع خطة الله للخلاص!

إن موت المسيَّا هو أهم خبر في كل الكتب المقدسة؛ لأن ذلك الموت هو السبب الذي من أجله يستطيع الله أن يغفر لنا خطايانا دون أن يتعارض هذا مع بره. وبالرغم من أن موت المسيَّا هو أهم خبر، إلا أن ما نحن الآن مُقدِمين على دراسته هو أعجب خبر؛ لأننا سنسمع اليوم عن كيف أقام الله يسوع من بين الأموات.

وقد رأينا سابقاً، أنه بعد أن مات يسوع على الصليب، أخذ واحد من الجند حربة، وطعن يسوع في جنبه. وللوقت خرج دم وماء؛ الشيء الذي برهن على موته. ورأينا أيضاً أن رجلاً غنياً أخذ جسد يسوع، ووضعه في قبر جديد كان قد نحته في الصخر لنفسه. ودحرج حجراً ضخماً مستديراً على مدخل القبر. كل شيء حدث تماماً كما تنبأ أنبياء الله من قبل.

ومن ثمَّ يقول لنا الإنجيل:
‘‘وفي الغد الذي بعد الاستعداد، اجتمع رؤساء الكهنة والفرِّيسيون إلى بيلاطس قائلين: يا سيد، قد تذكَّرنا أن ذلك المضلّ قال وهو حي، إني بعد ثلاثة أيام أقوم. فمُرْ بضبط القبر إلى اليوم الثالث؛ لئلا يأتي تلاميذه ليلاً ويسرقوه، ويقولوا للشعب: إنه قام من الأموات. فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى. فقال لهم بيلاطس: عندكم حرَّاس. اذهبوا واضبطوه كما تعلمون. فمضوا وضبطوا القبر بالحراس، وختموا الحجر.
‘‘وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع، جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر. وإذا زلزلة عظيمة حدثت؛ لأن ملاك الرب نزل من السماء، وجاء ودحرج الحجر عن الباب، وجلس عليه. وكان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج. فمن خوفه، ارتعد الحراس وصاروا كأموات.’’ (متى 62:27-66 ؛ 1:28-4)

وهكذا عندما وصلت النساء إلى القبر، ..
‘‘وجدن الحجر مدحرجاً عن القبر. فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع. وفيما هن محتارات في ذلك، إذا رجلان وقفا بهنَّ بثياب براقة. وإذ كنَّ خائفات ومنكِّسات وجوههنَّ إلى الأرض، قالا لهنَّ: لماذا تطلبن الحيَّ بين الأموات؟ ليس هو ههنا، لكنه قام. اذكرن كيف كلمكنَّ وهو بعد في الجليل، قائلاً: إنه ينبغي أن يُسَلَّم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة، ويُصلَب، وفي اليوم الثالث يقوم. فتذكَّرنَ كلامه. ورجعن من القبر، وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله. وكانت مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهنَّ اللواتي قلن هذا للرسل. فتراءى كلامهنَّ لهم كالهذيان، ولم يصدقوهنَّ. [لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب، أنه ينبغي أن يقوم من الأموات. (يوحنا 9:20)] فقام بطرس، وركض إلى القبر، فانحنى ونظر الأكفان موضوعة وحدها، فمضى متعجباً في نفسه مما كان.’’ (لوقا 2:24-12)

‘‘وإذا اثنان منهم كانا منطلقَين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة عن أورشليم ستين غلوة، اسمها "عمواس". وكانا يتكلمان بعضهما مع بعض عن جميع هذه الحوادث. وفيما هما يتكلمان ويتحاوران، اقترب إليهما يسوع نفسه، وكان يمشي معهما. ولكن، أُمسِكت أعينهما عن معرفته.
‘‘فقال لهما: ما هذا الكلام الذي تتطارحان به، وأنتما ماشيان عابسيَن. فأجاب أحدهما الذي اسمه "كليوباس" وقال له: هل أنت متغرِّب وحدك في أورشليم، ولم تعلم الأمور التي حدثت فيها هذه الأيام؟ فقال لهما: وما هي؟ فقالا: المختصة بيسوع الناصري، الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب. كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكَّامنا لقضاء الموت، وصلبوه. ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل. ولكن مع هذا كله، اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك. بل بعض النساء منَّا حيَّرننا، إذ كنَّ باكراً عند القبر. ولما لم يجدن جسده، أتين قائلات إنهن رأين منظر ملائكة قالوا أنه حي. ومضى قومٌ من الذين معنا إلى القبر، فوجدوا هكذا كما قالت أيضاً النساء، وأما هو فلم يروه. فقال لهما: أيها الغبيَّان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلَّم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا، ويدخل في مجده؟ ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسِّر لهما الأمور المختصَّة به في جميع الكتب.
‘‘ثم اقتربوا إلى القرية التي كانا منطلقّين إليها، وهو تظاهر كأنه منطلق إلى مكان أبعد. فألزماه قائلين: امكث معنا؛ لأنه نحو المساء، وقد مال النهار. فدخل ليمكث معهما. فلمَّا اتكأ معهما، أخذ خبزاً وبارك وكسر وناولهما. فانفتحت أعينهما وعرفاه، ثم اختفى عنهما. فقال بعضهما لبعض: ألم يكن قلبنا ملتهباً فينا، إذ كان يكلِّمنا في الطريق، ويوضِّح لنا الكتب؟ فقاما في تلك الساعة، ورجعا إلى أورشليم، ووجدا الأحد عشر مجتمعين، هم والذين معهم. وهم يقولون إن الرب قام بالحقيقة، وظهر لسمعان. وأما هما، فكانا يخبران بما حدث في الطريق، وكيف عرفاه عند كسر الخبز.
‘‘وفيما هم يتكلَّمون بهذا، وقف يسوع نفسه في وسطهم، وقال لهم: سلامٌ لكم. فجزعوا وخافوا، وظنوا أنهم نظروا روحاً. فقال لهم: ما بالكم مضطربين، ولماذا تخطرُ أفكارٌ في قلوبكم؟ انظروا يديَّ ورجليَّ، إني أنا هو. جسُّوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا، أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مصدِّقين من الفرح ومتعجِّبون، قال لهم: أعندكم ههنا طعام؟ 0 فناولوه جزءً من سمك مشوي، وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدَّامهم.
‘‘وقال لهم: هذا هو الكلام الذي كلَّمتكم به وأنا بعد معكم. أنه لا بد أن يتمَّ جميع ما هو مكتوب عنّي في ناموس موسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم: هكذا هو مكتوب، وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم، ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وأن يُكرَز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأً من أورشليم. وأنتم شهود لذلك.’’
(لوقا 13:24-48)

‘‘أما توما، أحد الاثني عشر، الذي يقال له "التوأم"، فلم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الآخرون: قد رأينا الرب. فقال لهم: إن لم أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه، لا أومن. وبعد ثمانية أيام، كان تلاميذه أيضاً داخلاً، وتوما معهم. فجاء يسوع، والأبواب مغلَّقة، ووقف في الوسط، وقال: سلام لكم. ثم قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديَّ، وهاتيدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً. أجاب توما وقال له: ربِّي وإلهي. قال له يسوع: لأنك رأيتني يا توما، آمنت. طوبى للذين آمنوا، ولم يروا. وآيات أُخَر كثيرة صنع يسوع قدَّام تلاميذه، لم تُكتَب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كُتِبَت؛ لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم، إذا آمنتم، حياةٌ باسمه.’’ (يوحنا24:20-31)

يا لها من قصة مثيرة، تلك التي قرأناها اليوم! يسوع قام من الأموات! لقد قهر واحداً من أعظم أعداء الإنسان، ألا وهو الموت. إذ لم يستطع القبر أن يمسكه. ففي اليوم الثالث، خرج يسوع من أكفان القبر، مثل فراشة جميلة تغادر شرنقتها. ولم يتبقَّ إلا الأكفان حيث كان يرقد جسد يسوع. لقد قام الرب يسوع بجسد ممجَّد، مثل الجسد الذي سيناله يوماً ما كل من يؤمن به! ولهذا يقول الكتاب:
‘‘ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات، وصار باكورة الراقدين. فإنه إذ الموت بإنسان، بإنسان أيضاً قيامة الأموات. لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع.’’
(1 كورنثوس 20:15-22)

إن قيامة يسوع تبرهن على جميع ما قاله عن نفسه. هل تتذكر يسوع عندما قال:
‘‘أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي، ولو مات، فسيحيا.’’ (يوحنا 25:11)
لقد وعد يسوع أنه سيعطي الحياة الأبدية لكل من يؤمن به. ولكن لو كان هو نفسه لم يقهر الموت، فكيف في هذه الحالة يستطيع أن يخلِّص الآخرين من قوة الموت والخطية والجحيم؟

.. ربما نحتاج إلى مثل توضيحي..!
تخيَّلوا معي طفلاً صغيراً يداعب الأمواج على الشاطئ. ثم يأتي فجأة تيارٌ قويٌّ يجتذبه بشدة إلى داخل البحر. ثم يحاول الطفل بكل قوته أن يسبح ليرجع إلى الشاطئ، ولكن بلا جدوى. بالطبع، هذا الطفل سيموت، إن لم ينقذه أحد. وفجأة، يظهر رجل على الشاطئ، ويرى هذا الطفل، فيناديه قائلاً: ‘‘لا تخف، سآتي وأنقذك.’’ ويلقي هذا الرجل بنفسه في الماء، ويسبح إلى حيث الطفل. ولكن، للأسف، يكون التيار القوي أقوى منه هو أيضاً. فيغرق كلاهما.
لقد قصد الرجل أن ينقذ الطفل، ولكنه كان يفتقر إلى القوة التي تمكِّنه من تنفيذ قصده. إذ كان تيار البحر أقوى منه.
وبالمثل، فإننا نسمع أولئك الذين يدَّعون أنهم مخلِّصون، وهو يقولون للناس: ‘‘اتبعونا، ثقوا فينا، وسوف تدخلون الفردوس في النهاية.’’ إن أولئك الذين يقدِّمون مثل هذه الوعود، قد يكون لديهم النية الحسنة، ولكنهم بالتأكيد ليس لديهم القدرة أن يحققوا ما يعدون به. لا يستطيعون حتى أن يخلِّصوا أنفسهم؛ لأنهم بالفعل لا يستطيعون أن يقهروا قوة الخطية والموت. إن قوة الموت أقوى منهم. وعندما يموتون، فإنهم سيُدفَنون، وستتحلَّل أجسادهم في القبر، وستظل نفوسهم تنتظر يوم الدينونة.

لكن، لم يكن هذا هو الحال مع الرب يسوع. فقد فعل ما قاله عن نفسه. كل شيء حدث تماماً كما تنبأ. مات يسوع كذبيحة لغفران الخطية، وقُبِر، وفي اليوم الثالث قام وخرج من القبر. فلم يحدث أبداً أن مات أحد الأنبياء، ودُفِن، ثم قام وخرج من القبر حياً، لا يسود عليه الموت مرة أخرى أبداً. ولكن هذا هو ما فعله يسوع المسيَّا! فلقد غلب الموت والقبر. وقهر الخطية والشيطان والموت والجحيم! وأعجب ما في هذا، هو أن من يؤمن حقاً بهذا الخبر السار عن موت يسوع المسيح وقيامته، سوف يشاركه مجده إلى الأبد! هذا هو ما وعد به الرب يسوع بعد ما قام من الأموات، إذ قال:
‘‘لا تخف. أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتاً، وها أنا حيٌّ إلى أبد الآبدين آمين، ولي مفاتيح الهاوية والموت.’’ (رؤيا 17:1-18)
عزيزي المستمع ..
لقد أقام الله يسوع من الأموات إلى الحياة؛ لكي تتأكد أنه هو مخلِّص العالم وديَّانه، الذي عيَّنه الله. هذا هو ما يعلنه الكتاب، إذ يقول:
‘‘ليس بأحدٍ غيره الخلاص. لأن ليس أسم آخر تحت السماء قد أُعطِي، به ينبغي أن نخلص. .. لأن الله أقام يوماً، هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برَجُلٍ قد عيَّنه مقدَّماً للجميع إيماناً، إذ أقامه من الأموات. .. لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت. .. لأن كل من يدعو باسم الرب، يخلص.’’
(أعمال 12:4 ؛ 31:17 ؛ رومية 9:10 ،13)

أصدقائي المستمعين ..
نشكركم على كريم إصغائكم ..!
وفي الحلقة القادمة، بإذن الله، سنستمر في دراسة الإنجيل، لنرى كيف صعد الرب يسوع إلى السماء، بعد ما ظل يظهر لتلاميذه مدة أربعين يوماً، وأراهم العديد من البراهين المقنعة أنه حيّ ..

وليعطنا الله بصيرة في كل ما سمعناه اليوم، ولنتأمل بدقة في هذه الآية من كلمة الله. تلك التي تقول:
‘‘الذي أُسلِم من أجل خطايانا، وأُقيم من أجل تبريرنا.’’ (رومية 25:4)
(أي أن الله أسلم يسوع للموت من أجل خطايانا، وأقامه من الأموات لكي يحسبنا أبراراً.)
ــــــــــ
 

 الدرس السادس والثمانون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية