س: بما يمتاز المسيح عن أي شخص آخر؟

ج: المسيح هو الإنسان الكامل ولم يوجد غيرهٌ إنسانٌ كامل والمسيح هو الله الكامل ولم يوجد على الأرض غيرهُ إلهٌ كامل، ولذلك فهو يختلف عن غيرهِ ويمتاز عن غيرهِ في أوجه كثيرة، وإذ ا عدنا إلى حياة المسيح كما جاءت في الأناجيل فسنجد عدة امور نذكر منها:

أولاً أنه وحدَهُ دون غيره قَبِل السجود، مع أنه يعلم أن الله وحده هو الذي يُسجَد له.

قال هو للشيطان في تجربته في إنجيل متى "مكتوبٌ للرب إلهك تسجد وإياهُ وحدهُ تعبد." ومع ذلك فقد قَبِل السجود له، فمكتوب "والذين في السفينة جاءوا وسجدوا لهُ قائلين بالحقيقة أنت ابن الله" وبعد القيامة يقول الكتاب عن مريم المجدلية ومريم الأخرى " فتقدمتا وأمسكتا بقدميهِ وسجدتا لهُ." وفي إنجيل يوحنا مكتوب "أجاب توما وقال لهُ ربي وإلهي." وكان غالباً ساجداً لهُ. ونقرأ في إنجيل متى "وإذا ابرص قد جاءَ وسجد لهُ قائلاً يا سيّد إن أردت تقدر أن تطَهرني." ومكتوب أيضاً في إنجيل متى "وفيما هو يكلمهم بهذا إذا رئيسٌ قد جاءَ فسجد لهُ" كما نقرأ في إنجيل متى عن امرأة كنعانية "فأتت وسجدت لهُ قائلةً يا سيّد أَعنّي." فنجد أن المسيح قد قَبِل السجود بينما كل إنسان آخر يعرف الله يرفض أن يسجد له فقد رفض بطرس أن يُسجد لهُ وقال لكرنيليوس "قُمْ أنا أيضاً إنسانٌ." كذلك الملاك في سفر الرؤيا رفض أيضاً السجود وقال ليوحنا "اسجد لله."

الأمر الثاني الذي نجده في حياة المسيح هو أنه دون غيرهُ قد نسب إلى نفسهِ الألوهية.

مكتوب في إنجيل يوحنا أن المسيح شفى مُقعد بركة بيت حسدا في يوم سبت "ولهذا كان اليهود يطردون يسوع ويطلبون أن يقتلوه لأنه عمل هذا في سبت." "فأجابهم يسوع أبي -وليس أبونا- يعمل حتى الآن وأنا أعمل." "فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضاً إن الله أبوه معادلاً نفسه بالله"ومن هذا ندرك أن اليهود فهموا قصد المسيح أنه عادل نفسه بالله. وفي معجزة شفاء المفلوج الذي دلّوه من السقف قال المسيح "للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك." "فابتدأ الكتبة والفريسيون يفكرون قائلين من هذا الذي يتكلم بتجاديف. من يقدر أن يغفر خطايا إلاّ الله وحده." وهذه حقيقة فعلاً، لا يقدر أن يغفر خطايا إلاّ الله وحده، لكن المسيح غفر الخطايا، ونلاحظ أن المسيح غفر خطايا وُجِهَت إلى الله. نحن نُطالَب أن نغفر للآخرين إساءاتهم إلينا، لكن المسيح غفر الخطايا التي وُجِهَت إلى الله لأنه هو الله وقال لهم "أيُّما أيسر أن يُقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يُقال قُم واحمل سريرك وامشِ." وفي الواقع أن كلا الأمرين لا يقوى عليه إلاّ الله وحده. أيضاً مكتوب في إنجيل يوحنا عن اليهود "قال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبرهيم أنا كائنٌ." لم يقل أنا كنت مع أنه حتى لو قال هذا لكان يُحدّثنا عن ألوهيته لكنه قال أنا كائن، وهي ذات الكلمة "أهيه" التي هي اسم الله، فلا غَرابة أن نجدهم قد "رفعوا حجارةً ليرجموهُ." وحين ينادي المسيح قائلاً "أنا هو القيامة والحياة." "أنا هو الطريق والحقُّ والحياة." "تعالوا إليّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم." في كل هذه النداءات إنما يؤكد المسيح أنه هو الله، فمن يقدر أن يكون الحياة أو الحق أو أن يكون مريح التعابى جميعاً إلاّ الله."

نلاحظ أيضاً في حياة المسيح أنه لم يكتفِ فقط بأن يقبل السجود أو يعادل نفسه بالله، بل قال علَناً "أنا والآب واحدٌ" "فتناول اليهود أيضاً حجارةً ليرجموهُ." "أجابهم يسوع أعمالاً كثيرة حسنة أَريتكم من عند أبي. بسبب أيّ عمل منها ترجمونني. أجابهُ اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عملٍ حسنٍ بل لأجل تجديفٍ. فإنك وأنت إنسانٌ تجعل نفسك إلهاً." ومكتوب في إنجيل يوحنا أن المسيح قال لليهود "لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً" وأيضاً قال المسيح في إنجيل يوحنا "الذي يبغضني يبغض أبي أيضاً." لأنه هو والآب واحد، وقال أيضاً "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. مَنْ لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسلهُ" وفي محاكمة المسيح أمام رئيس الكهنة نقرأ في إنجيل مرقس أن المسيح أعلن أولاً أنه هو "ابن المبارك." أي ابن الله. ثانياً أنه "ابن الإنسان" الذي سيجلس عن يمين القوة. وثالثاً أنه "ابن الإنسان" الذي سيأتي ثانيةً على السحاب، فمزَّق رئيس الكهنة ثيابهُ وقال.. "قد سمعتم التجاديف."

وفي سفر اللاويين في التوراة مكتوب "وقال موسى لهرون وألِعازار وإِيثامار ابنيهِ لا تكشفوا رؤُوسكم ولا تشقُّوا ثيابكم لئَلاّ تموتوا ويُسخَطَ على كلّ الجماعة." فكأن الله أمر رئيس الكهنة ألاّ يشق ثيابه أبداً لأي مشكلة خاصة، كذلك مكتوب أيضاً في سفر اللاويين "والكاهن الأعظم بين اخوتهِ الذي صُبَّ على راسهِ دهن المسحة ومُِلئَت يدهُ ليلبس الثياب لا يكشف رأسهُ ولا يشقُّ ثيابهُ" لكن حين يجلس رئيس الكهنة كقاضٍ ويسمع تجديفاً على الله أمامه فإنه يعلن عن فزعه فيشقُّ ثيابهُ، لذلك نجد أن رئيس الكهنة وهو يحاكم المسيح قد فَهِم يقيناً أن المسيح يعلن أنه هو الله. وحين "قال له فيلُّبس يا سيد أرِنا الآب وكفانا. قال لهُ يسوع أنا معكم زماناً هذه مُدَّتهُ ولم تعرفني يا فيلبُّس. الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أَرِنا الآب. أَلست تؤْمن اني انا في الآب والآب فيَّ."

أمام كل هذه الإعلانات نجد أن تلاميذ المسيح وأن بولس بعدهم وهم أصلاً يهود متمسكون بوحدانية الله، لم يجدوا مفراً من أن يعبدوا المسيح لأنه الله، ففي سفر أعمال الرسل سمّاه بولس الله في حديثهِ لقسوس كنيسة أفسس إذ قال "احترزوا إذاً لأنفسكم ولجميع الرعيّة التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمهِ." أي دم المسيح، أي بدم الله الذي ظهر في الجسد، وتوما أعلن ذات الحقيقة حين "قال له ربي وإلهي." واستفانوس قال له وهو يُرجم "أيها الرب يسوع اقبل روحي."

هو إذن قد نَسَب إلى نفسهِ الألوهية، فأنت لا تستطيع أن تؤمن بهِ نبياً أو مُعلماً صالحاً، لكنك تُنكر ألوهيتهُ. أنت أمام ثلاثة اختيارات لا رابع لهم:

الاختيار الأول: أنك تعتبر المسيح كاذباً مخادعاً وعليك ان ترفضه تماماً، وحاشا لمن أقام الموتى وأشبع الجياع أن يكون كذلك.

الاختيار الثاني: أنك تعتبر المسيح مريضاً نفسياً ومختل العقل ويحتاج إلى علاج، وعليك أن تشفق عليه جداً، وحاشا لمن شفى كل الأمراض بكلمة منه أن يكون كذلك.

الاختيار الثالث والصحيح: أن تأتي إليه مُصدّقاً إياه، مؤمناً به ساجداً عابداً قائلاً ربي وإلهي. فهلمَّ تعال إليه، سلّمهُ الحياة، اجعله سيداً عليك، مخلّصاً وفادياً لحياتك، فهو إلهك. آمين.
 

Back

رجوع الى الصفحة الرئيسية